الأحتراق التلقائى الغامض لجسم الإنسان
Spontaneous Human Combustion
احتراق الإنسان تلقائيا والتفسير العلمي
العلماء لم يتوصلوا الى اسباب الاحتراق التلقائي رغم اشتعال أجسام بشرية بشكل غامض ودون مسوغات مباشرة.
في ديسمبرمن العام 1966 اكتشـف قارئ عـدَّادات الغاز والكهرباء وفــاة الدكتور إيرفينج بينتلي في بيته بولاية بنسلفانيا الأميركية، وعندما جاءت سلطات التحقيق لتباشر عملها لم تجد من جثة الدكتور بينتلي غير جـزء مـن إحدى سـاقيه، وفي قدمه خـف منزلي، أما بقية الجثة فكانت قد احترقت وتحولت إلى رماد كما وجد المحققون في أرضية الحمام حفرة صنعتها النار التي التهمت جسد الدكتور بينتلي الذي كان يبلغ من العمر 92 عاماً، ودون الدخول في التفاصيل لقــد احترق جسـم الدكتور بينتلي تلقائيــاً.
لم يكن ثمة مصدر واضح لشـرارة كهربائية مثلاً أو لهب أمسك بملابسه فاندلعت النار بجسمه، كما أن كل شيء من حوله كان سليماً لم تمسسه النار التي أكلت جسد الطبيب العجوز، وفي حالات احتراق تلقائي أخرى –نعم فثمة حالات عديدة– ســلمت ملابس الضحية من الاحتراق.
فهل تعتقد حقاً أن الجسـم البشري يمكن أن يحترق ذاتيـاً ؟
بعض الناس يصدقون هذه الظاهرة الغريبة ولكن أغلب العلماء لا يعتقدون في أن الاحتراق التلقائي للجسم البشري أمر حقيقي، وعلى أية حال فهي حكاية يختلط فيها العلم بالخيال.
دعنا أولاً نفترض أننا نصدق من يقولون أنها ظاهرة حقيقية ولنسألهم: ما دليلكم على أن أجسام البشر يمكن أن تحترق دون أن تمسها نار؟.
إنهم يجيبون: يحدث الاحتراق الذاتي للأشياء ومنها الجسم البشري عندما تندلع شعلة من داخله نتيجة لتفاعل كيميائي دون أن يكون ثمة بادئ إشعال خارجي من نار أو حرارة، وقد جاء أول ذكر لظاهرة الاحتراق التلقائي للجسم البشري في كتابات عالم التشريح الدانماركي توماس بارتولين حين وصف بمقال له في العام 1663 كيف تحولت امرأة باريسية إلى رمـاد ودخان أثناء استغراقها في النوم، وكانت ترقد على فراش من قـش لم تنل منه النار.
وفي عام 1673 أصدر كاتب فرنسي يدعى جوناس دوبون مؤلفـاً عنوانه "حوادث الاحتراق الذاتي للأجسام البشرية" جمع فيه حوادث الاحتراق التلقائي التي عاصرها والتي تشابهت في ملابساتها ونتائجها منذ ذلك الوقت حتى الآن، ففي المئات من هذه الحوادث التهمت النيران الجسم البشري بكامله، وكان كل الضحايا بين جدران منازلهم وقد سجل معظم المحققين في كل تلك الحوادث ملاحظتهم وجود رائحة دخان غير كريهة بل مقبولة في موقع احتراق الجسم.
وكانوا يلاحظون أيضا أنه بالرغم من تفحم الجذع والدماغ لدرجة عدم إمكانية التعرف على شخصية المحترق فإن الأيدي والأقدام وأجزاء من الساق تنجو من الاحتراق، والأغرب من هذا كله أنه في حالات نادرة من الاحتراق التلقائي للأجسام البشرية لا يحترق إلا خارج الجسم وتبقى الأعضاء الداخلية غير محترقة، كما أنه لا يشترط أن يصحب الاحتراق التلقائي اندلاع لهب أو ألسـنة نيران فثمة روايات عن حالات احتراق دون اشـــتعال ودون دخـــان، كما أن نسبة ضئيلة ممن احترقوا تلقائيا لم يلقوا حتفهم ونجوا ليرووا تجارب تعرضهم للاحتراق التلقائي.
ومن قصص الاحتراق التلقائي التي وردت بسجلات الشرطة والأطباء الشرعيين:
في العام 1951 لاحظت إحدى الجارات انبعاث حرارة عالية من باب شقة الأرملة العجوز ماري ريسير في سان بيترسبرج بولاية فلوريدا الأميركية فاقتحمت مع بعض الجيران باب المسكن، فوجدوا العجوز جالسة في مقعد وثير وقد أحاطت بها هالة سوداء واحترق رأسها وصار في حجم كوب الشاي ولم يتبق من جسمها غير جزء من عمودها الفقاري والقدم اليسرى ولم تظهر علامات الاحتراق على شيء من الأثاث المحيط ببقايا جسد الأرملة المحترقة.
وسجَّل الطبيب الشرعي الذي انتدب لمعاينة الجثة المحترقة في تقريره " إن هذا هو أغرب شيء رأته عيناي وقد تهيَّـأ لي للحظات أنني أعاين مشهدا من مشاهد السحر الأسود في العصور الوسطى".
أما تقرير الشرطة فقال إن الأرملة احترقت نتيجة لسقوط لفافة كانت تدخنها قبل أن يهاجمها النعاس وقد أشعلت اللفافة قماش المنامة المصنوع من الألياف الصناعية فالتهمت النيران جسد الأرملة العجوز.
في العام 1982 كانت امرأة معاقة ذهنيا تجلس مع أبيها في حجرة بمنزلهما في بلدة بشمال لندن وفجأة، وحسب رواية الأب سقط فوقهما ضوء قوي فأغمض عينيه ولما فتحهما وجد الجزء الأعلى من جسم ابنته محاطاً باللهب فأسرع الرجل يساعده أخ غير شقيق للابنة المحترقة يطفئان الجسم المشتعل غير أن الابنة المسكينة ماتت بعد أسبوع متأثرة بحروق جسمها التي صُنِّـفـتْ درجتها في الفئة الثالثة.
ولاحظ المحققون انعدام الدخان وأن النار لم تمس أياً من محتويات الحجرة ولم يكن ثمة تفسير لهذه الواقعة غير أن شرارة انطلقت من غليون الأب فأحرقت ملابس الابنة.
وفي بداية القرن التاسع عشر لفت تشارلز ديكينز الأنظار إلى هذه الظاهرة عندما لجأ إليها للتخلص من "كروك" وهو أحد شخصيات روايته "بيت موحش" وهو مدمن كحول، وكان ثمة اعتقاد شائع في ذلك الوقت بأن الاحتراق التلقائي للأجسام البشرية يحدث نتيجة احتوائها على كمية كبيرة من الكحول.
أما الآن فثمة أكثر من نظرية تفسر الظاهرة منها تلك التي تفترض أن غاز الميثان الذي يتكون في الأمعاء هو المسؤول عن الاحتراق والمعروف أن الميثان (ويسمى أيضا غاز المستنقعات) ينتج من تحلل النباتات القابل للاشتعال.
من أين إذن تأتي الحرارة المرتفعة التي تبدأ الإشعال؟ من التفاعلات الإنزيمية في الأمعاء، فالإنزيمات هي بروتينات تقوم بدور المحفز فتعمل على تنشيط التفاعلات الكيميائية في الجسم، وهذا تفسير غير مقنع ولا يتفق مع وجود حالات احتراق تلقائي احترق فيها خارج الجسم فقط دون الأحشاء ولو كان التفسير صحيحاً لبدأ الاحتراق بالداخل.
وهناك من يفسر الظاهرة بأنها نتيجة لشرارة مصدرها شحنات من كهرباء ساكنة تتولد من تعرض الجسم لمجالات قوى مغناطيسية أرضية.
أما لاري أرنولد الذي يزعم أنه خبير بظاهرة الاحتراق التلقائي للأجسام البشرية فيعتقد أن الاحتراق يحدث بتأثير من جسيمات أدق من الذرة هي البيروتونات، تتفاعل مع خلايا الجسم فتفجرها غير أن علماء الكيمياء والفيزيقا يسفهون هذا التصور ويتهمون أرنولد بالتدجيل فعلوم المواد لا تعرف شيئا اسمه البيروتونات.
وحتى هذه اللحظة لم يتوصل أحد إلى تفسير مقنع قائم على أسس علمية لظاهرة احتراق الأجسام البشرية من داخلها وهي ظاهرة يؤكدها شهود عيان وصور فوتوغرافية للمحترقين تلقائيا أثناء الاحتراق وعقب تحولهم إلى جثث متفحمة.
إن المجتمع العلمي يتشكك في صحة الظاهرة وإن كان قد ثبت أن بعض الأشياء اشتعل دون مؤثر خارجي ومنها كومة خرق بالية ملوثة بالزيت موضوعة في دلـو احترقت لمَّـا مــرَّ فوقها تيار قوي من الهواء المشبع بالأانا واحد مش متربي وناقصني تربايةجين، احتـكَّ بالخـرق بشـــدَّة فرفع درجة حرارتها الداخلية إلى حـدّ كان كافيـاً لأن يشتعل الزيت في الخرق.
كذلك فإن حالات الاحتراق التلقائي لكومات من القش متكررة ومعروفة، فالبكتيريا الموجودة بالقش المتجمع لزمن طويل تقوم بعمليات تحليل للقش والمواد العضوية العالقة به، وينتج من هذه العمليات كميات من الحرارة تكفي لبدء الاشتعال.
على أية حال قد يكون من المفيد أن نشير إلى تفسير محتمـل للظاهرة يرى أن الجسم البشري يحترق من الداخل إلى الخارج كفتيل الشمعة، وكلنا يعرف الشمعة مكونة من فتيل داخلي محاط بمادة الشمع وهي دهنية قابلة للاشتعال، ولولاها لما بقي الفتيل مشتعلاً.
إن محتوى الجسم البشري من الدهون يناظر تلك المادة الشمعية بينما يقوم شعر الضحية أو ملابسها بعمل الفتيل، وفي عملية الاحتراق يذوب الدهن من الجسم وتتشبع به الملابس فيحدث اشتعال كاشتعال الشمعة، الدهون تحترق وكذلك داخل الجسم، بينما الملابس المشبعة بالزيت تظل متماسكة.
ويحاول بعض المهتمين بهذه الظاهرة إيجاد تفسير علمي لعدم احتراق أطراف ضحايا الاحتراق التلقائي وهم يعتمدون على فكرة الانحدار أو التدرج الحراري، فأنت إن أمسكت عود ثقاب مشتعلاً وهو مقلوب فإن اللهب ينبعث عند قاعدته دون أن يؤثر عليه كثيراً أما أكبر الأثر فيكون عند القمة فالقاعدة في نظرية الانحدار الحراري أبرد من القمة.
وأبرز المنكرين لظاهرة الاحتراق التلقائي للأجسام البشرية يعتمدون على بيانات تقول بأن جانبا كبيرا من الضحايا كانوا من المدخنين الذين احترقوا نتيجة استغراقهم في النوم، ولفافاتهم لا تزال مشتعلة فأحرقتهم وبعضهم من مدمني الكحول أدى فقدانهم وعيهم لاحتراق أجسامهم بنار منزلية، كما أن بعضهم كان يعاني من أمراض الشلل أو عدم القدرة على التحكم في الحركة، مما جعلهم عرضة لأن تمسك بهم نار المواقد بالمطابخ أو المدافئ في حجرات المعيشة، وأخيرا يقول المنكرون إن هذه الحوادث قد تكون عمليات قتل متعمدة نفذت بإحكام ولم يكتشف الجاني.
طبعا هناك صور لكنها مرعبة لذلك تجنبت ادراجها مع الموضوع